الأحد، 22 يونيو 2014

انتهت صلاحيتك

استيقظت متعة لقياه فجأة ، ونار شوقه لا يطفئها الا الذهاب الى المطار وانتظار الطائرة مدة أربع ساعات ، يهون الوقت ، ويسهل الانتظار في لحظات أُسر فيها القلب  وحلق فيها الحلم بعيدا الى هناك ، ربما ستشفق علي الحياة فتتوقف لبرهة في لحظة اللقاء .
ظننته سيفرح حين يراني، ظننت قلبه سيصفق وأن لغته ستتغير ، ستتراقص على أمواج صوته قبل أن تصل الى أذني ، ظننته سيشكرني على كل شيء ، على الاخلاص و الوفاء والانتظار ، هو الذي تزوجني وأنا ابنة الخامسة عشر عاما  ، طفلة طاهرة لا تعرف من الدنيا الا القليل ، أو لا تعرفها أصلا .
 تجاوزت كل الاراء التي حذرتني منه ومن كسله واستهتاره في التعامل مع الامور ، فعزمت أن أكون أنا تلك المرأة الغبية التي ضحت بدراستها في سبيل اللاشيء ،  تلك الساذجة التي أغلقت كل أبواب الحياة ولم تترك الا شقا واحدا ترى منه النور والظلام وبعد ذلك يسد الفوهة الغبار. انتهت كل أحلامي وصار هو حلمي الاول ، حلمي الوحيد ولم أجني الا الانتظار.
لا أزال أتذكر كيف كان يبكي في تلك الأيام التي رفض أبي أمر زواجنا ، قاطع كل أصدقائه ، وأضرب عن الجلوس في مقهى الحي ، والتزم البيت  والبكاء  . لا أزال أذكر كيف  حاولت اقناع أبي بأمرنا ، بقضيتنا ، كيف كان وسيكون وكيف مضى .
كنت أضع عهودا غبية كما الموت المنتظر ، كنت أراهن على نجاحه في حين أنني أغلقت كل شقوق الأمل ، كنت غبية كغباوة النواة في الفاكهة ، تحتضنها وتقول أنا لبها أنا جزء منها في حين أن الفاكهة تحتضنها الأحشاء وتدوس الأقدام النواة. نعم هو الفاكهة وانا النواة، ساعدته بكل طاقاتي  ، ناسية ومتناسية حقي في الحياة ، كفنت نفسي بثوب نجاحه  ، كنت أريده أن يدرس  في أمريكا  لكي يكون اطار مهما ، رجل أعمال مشهور، ونحيا بهناء وسعادة أو هكذا كانت تحدثني غباوتي ، وأنا ألتمس كلمات الفخر من والداي الذان سيثمنان مجهودي في الوفاء والاخلاص لزوجي الذي كان فصار. والحديث عني طبعا في حمام الحي على لسان النساء والاصابع تشير الي من خلف ظهري والافواه تقول (هكذا العيالات والا فلا ، المرا هي لي تكون صبااااارة وتعاون راجلها  حتى يوصل وتسمح في الغالي والرخيص) .
 اليوم هو يوم استثنائي لا محالة ،  اليوم هو الميلاد الجديد لحبنا القديم ، اليوم بعد ست سنوات غربة في امريكا سأنتفض الزي القديم لأقول أنا زوجة فلان ، وأرفع رأسي أمام كل نساء الحي ، اليوم سأنتهي من خيوط البؤس والفقر ، وستطل علي الحياة بلون جديد. اليوم سأمسح الغبار عن كل رفوف أحلامي .
احساس خبيث ارتكن هناك في الزاوية الخلفية من قلبي ، وهو يحدثني أني لمحتُ زوجي مع جثة أخرى
مسافة تيه وأحاسيس عابرة قادتني الى طيفه ، هو الواقع لا الخيال ،هو زوجي الذي كان وعاد من هناك، من بلد الأحلام ، هوذلك الشق الذي تركته وحيدا في بناية أحلامي عاد متأبطا فتاة  .
 كان يقترب وايقاعات قلبي تزداد ، تتسارع ، هل فرحا بلقياه  الاني ،أم  حزنا لفراقه الابدي.مر بجانبي وكأنه لا يعرفني ، مر هامسا في أذني دون أن تسمعنا عشيقته " أنت هنا ؟ماذا تفعلين ؟ لقد انتهت صلاحيتك ...... ستجدين ورقة طلاقك في المحكمة"



الخميس، 19 يونيو 2014

شيطان أخرس

همسة : هي مجرد هلوسات خيالية جدا
كالجلد الذي انسلخ عن جثته في عز الحر ، أو كالدفء الذي غادرنا في ليالي الشتاء ، بل كالريح التي تترك السحاب في منتصف الطريق فلا هي حملته الى بلاد جافة ليسقيها ولا هي ساعدته أن يحط حمله الثقيل وهو يجري خلفها ، كمن ذاك الذي دخل متاهة لا يعرف أولها من اخرها  ، ويمضي تائها في كل الدروب مارا بكل الطرقات.

تركها في ذلك اليوم ،حيث السماء تنزف والليل يهطل والبرد ينصب على الأجساد والجلاميد  تحجر القلوب ... تركها ورحل ...........لا لا ،لم يرحل ، فهو قرين بها ، اقترن بها ذات نهار وهي منسكبة الرأس ، مسدولة الوجه ، مهمومة كمن تركه جمله في الصحراء بلا زاد ولا ماء فبات ينشد الموت بكل الطرق ، يستدعيه  لكن دون جدوى ، فهيهات أن يختار الموت أجسادا يائسة .في تلك اللحظة التي انتهت كل صداقاتها وكل علاقاتها  ، اقترن بها شيطان ، كان المساند الرسمي لها في ذلك اليوم ، نصحها واستمعت له ، ظل يتكلم ويتكلم ويتكلم ، وهي كالظمان الذي تاه عنه البئر فبات يركض خلف السراب ، هو الماء ، بل هو الماء ، ألم أقل لكم أنه ماء ؟ وفي النهاية يرجع فارغ الوفاض ، يابس الثغر ، هو الظمان الذي توهم أنه وجد ماء لكنه ظل كما كان.
لا لم يرحل بل تركها وصمت ، كأن حصته في الكلام انتهت صلاحيتها ، اذن ما العمل أيها الشيطان الأخرس ؟ هل وصلت الى هنا بمساعدتك وتتركني مكسورة الخاطر ،ألست من نصحني في البداية أن أمتطي ذلك الدرب ، الست من هيج مشاعيري وجعل سمائي تمطر أحاسيسا مكللة بكل أماني الحياة ؟ ألست من ومن ومن ومن؟ ماذا تقول اليوم بعد أن عرفنا السر الأخير ، بعد أن علمنا من مصادرنا الموثوقة  أن منحى جريان المياه هو المنحدر ، وأن الطبيعة قد خلدت ذكرى ليوم ذُكر فيه الاسمان في مجلد غليظ يستحيل تغييرهما أي أنهما انطبقا معا في جلمود من جلاميد المحيطات السبع ، فكيف بربك أيها الاحمق تغفل عن تلك الحقيقة ؟ كيف نسيت أن تتلص الخبر وتتأكد منه قبل أن تفرش لي الأرض ذهبا وتزين لي السماء بالقناديل وتدس السم في جيبي الأيمن وتنزع من قميصي الزر الأيسر ، هلا تشرح لي كيف حدث هذا وهذا وهذا ؟ هلا تشرح لي لم اقترنت بي ذات يوم ؟ ألم تعدني أن تساعدني وتعلمني كيف يكون  السلام الداخلي ، هيا انطق أم أنك صرت شيطانا أخرس