الاثنين، 11 أغسطس 2014

مذكرة متشرد(1)


لابد وأن أُنهي الشارع هذا اليوم ،طبعا مارا على قدمي وبخطوات متتاقلة جدا، لأنني ثملنا من كؤووووس الحياة....
نستنشق كما يفعل البشر لكننا نستنشق هواء معطرا برائحة تشل وعينا بالمحيط ، بالواقع وبالوهم أيضا ....ثملنا من كثرة الانتظار فقررنا ألا ننتظر بعد ذلك ، لأن الرأي الصائب هو السكر .......لنقتل الحياة .....
المجتمع الذي تقيأنا ذات يوم لرذيلة ارتكبها أحدهم على غفلة منه ، يتنكر لنا الان .....سيستعرض المسؤولون كل يوم على شاشة التلفاز فحولتهم الذكورية وعضلات أصواتهم الرجولية ، وأنهم فعلوا من أجلنا الكثير ، أنشأوا وصوّبوا وقدموا وأخروا ،كل يوم نفس الكلام ....لدرجة أنني استنتجت رغم غبائي الكثير أن كلامهم ووعودهم مملة جدا...............
ذات يوم وأنا أتجول في أزقة المدينة بحثا عن ماجادت به علينا القمامات من فضلات طعام ..لمحت فتى صغير جدا ، حينها كنت على وشك استنشاق نفحات الصباح لكي أعيد لدماغي سباته العميق ، هو لا يحتمل أن يراني أُعرض لألوان الطيف من الأهانات ، ولكي أسلم من توبيخاته وتألماته أُدخله في كومة بعد كل رشفة أنفية من المنديل المعلوم .....المهم ماذا كنت أقول .......اااااااااااااه تذكرت أنه ذات يوم لمحت طفلا بريئا صغيرا جدا ، هيأته تدل على أنه ان عائلة محترمة لكن الشارع التهمه مثلنا ، لست أدري لم غاب عني الشر في تلك اللحظة؟ لم فجأة استيقظت عندي معاني الأبوة التي لم أعشها كما البنوة أيضا ..........
ركضت نحوه ، كان الكل سكارى من شدة الجوع وتأثير المنديل ، كنت أنا الجائع الذي يبحث عن الحياة بين أنقاض الموت ...........
أنا لا أريد أن يتعاطف معي أهله أبدا ، ولا أريد أن أستغله لأدخل عالم الثراء، أعرف تماما أنه ابن عائلة ثرية ظل عن أهله وسط زحام أزقة المدينة القديمة ........لن أستجدي الشرطة فتسجل لي في ملفي الأسود خدمة أسديتها لمجتمع ربما أنتفع بها ذات يوم وأنسل من جرائمي المتعددة ، لم تكن تلك نيتي أبدا ، لأنني شرير حتى في فعل الخير .
كنت أريد أن أجرب معنى الأبوة ، أريد أن أتبناه ويصبح ابني وأكون أنا المسؤول عنه ، جربت جميع الرذائل ، وفي هاته اللحظة لا يخطر ببالي الا أن أكون أبا وانتهى الأمر ، وهكذا بدأت قصتي أنا وابني هاهنا

"من مذكرة متشرد"

0 التعليقات:

إرسال تعليق