الاثنين، 11 أغسطس 2014

مذكرة متشرد (4)


اذن؟......سأواري جرحي عن الأنظار وأركب قطار الحياة ككل البشر....هل تمت هناك حقنة واحدة تكفيني لأنسى كل الماضي وأبدأ حياتي كما لو وُلدت أمس؟هل هناك طبيب نفسي يوحي لي أنني لم أقتل ابني ...أنني لم أكن أبا ...أن الكلب الذي يمشي بجانبي الان لن يصبح رفيقي الى الأبد ؟هل من جرعة مخدرات توهمني أن الحياة انتهت من عقداتها المرة وفتحت أبواب السعادة لأمثالي المتشردين....
متشرد عن جدارة واستحقاق .....أكره التشرد لكن ما باليد حيلة ....أنياب الشارع لا تتركني وسبيلي ....
كلب ....ذلك الرفيق المتناقض الذي يرضى بالقليل أو اللاشيء ليعطني الحماية والأمان ...يركض خلفي وكلما تهت عن الطريق وجّهني ...كنت أفكر في اهدائه منديلي القذر ،لكنه لن يعرف سره ولن يؤمن لفكرة قدرة رائحة كريهة على اعلائك من غياهب الحفر الى أعالي الجبال ......
سبق وأن قررت أن أُخْلص لموت ابني ....أن أترك التشرد جانبا وأبحث عن من يعلمني الرسم ...أن ارسم قذارة حياتي وحياة كل من الْتهمه الشارع ذات يوم ....

على منضدة الرصيف الأسمر افترشت أسبال ثيابي.........وضعت المنديل جانبا وبدأت أخاطبه مودعا......
لعلك تعلم مكانتك في قلبي .....تعرف أن الحياة دونك نار أشعلتها ظروف العيش والزمان والمكان .....كنت معك أقبل كل ألوان الاهانات ...أركب القذارة أينما حللتُ وارتحلتْ ...أكُل طعامي من سلة المهملات(البركاصة) والرائحة النتنة تكمم وجهي المتسخ ....كنت معك أدخن بقايا السجائر المبعثرة ....أركض خلف الناس لأتسول درهما لا يغنيني عن التهام فضلات أكل المقاهي .....أجاري القطط والكلاب خلف الشوارع .....وأفترش الرصيف ليلا ...أتشاجر مع الكل .....تركض الشرطة خلفي .........أُضرب ضربا مبرحا ........تعنفني زوجة سي محجوب حين تشم رائحة الدوليو في الدرب ، فتسكب من أعلى السطح ماء التنظيف لأندثر من عتبة باب دارها .......
أنا لا أدري لمَ عليّ أن أتركك أيها المنذيل القذر .......أنا لا أعرف شيئا سوى أني افتقدت ابني الذي أوْرثني حلم الرسم
وداعا منذيل الدوليو
"من مذكرة متشرد"

0 التعليقات:

إرسال تعليق