الاثنين، 11 أغسطس 2014

مذكرة متشرد(3)

حديث المساء بدأ يستعرض ايقاعاته المتعددة .....كنت مجبرا أن أبقى مستيقظا طول النهار .....لم أسكر .........لأنني أريد أن أعلم لابني قواعد التشرد .......
في تلك الزاوية من ذلك المبنى الغريب .ارتكن الى جانبي وهو يحدثني عما أسماه بعالم الأوهام ، عن أحلام أو شيء من المستحيل ....لا بل عن المستحيل كله .....كان يحدثني عن هوايته المفضلة التي لم أعرف بها الا اليوم ......الرسم
ذاك الذي يجعل أحلامك مجسدة على أرض الواقع ، هو السبيل الوحيد والصامت الذي يمكّنك من نشر أفكارك على لوحات متعددة بتعابيرك أنت وأحاسيسك أنت دون أن تشعر .....هو معرض اللحظات الوهمية التي صنعتنا ذات يوم فأعدنا تشكيلها لنصنعها على هوانا نحن.......
دسست في جيبي منديلين مشبعين بقطرات الدوليو ، الأولى له ، وسألتحق به الى عالم السكارى بعد أن أطمئن الى ولوجه السليم لحياة المتشردين........
حدثني ببراءة طفل يعشق الحياة ، حدثني بلغة الألوان والصباغة التي نشكلها كما نريد فترسم أحلامنا هي كما تريد.
حدثني ....عني ، عن أحلامي ، عن ألواني ، عن طيفي ، عن ماضي ومستقبلي .....أراد أن يعلمني أصول وقواعد الرسم ......كان يريد أن ينتشلني من القهر .....كنت أريد أن أجرفه نحو القعر.....
جلسنا معا .....تحت رحمة المطر .....البرد ....على رفاث مبنى غريق ، جلسنا نتبادل نظرات عميقة جدا ، كنت أحاول أن أُقنعه أن الحياة لا تستحق وعينا ......أقنعني أن الرسم هو أرقى وسيلة لتجسيد أحلامنا .....أن الألوان توصل كل التعابير التي تهدر وقتنا وتدفق أحلامنا وأحاسيسنا .....
حين استعصى علي الأمر ، وجدتني أحاول أن أستجدي شفقته بدموع ساخنة توهمه أن حياتي كانت ولاتزال صعبة ....في حين انتهز هو الفرصة ليقنعني أنني أمتلك مشاعر جياشة وأن عالم التشرد يصنع مشروع رسام ......مشروع شاعر .....وكاتب
من "مذكرة متشرد"

0 التعليقات:

إرسال تعليق