الثلاثاء، 19 أغسطس 2014

مذكرة متشرد (9)

كتبتُ الكثير ....ودوّنتُ الكثير من ألوان السبّ والشتْم الذي تعرضتُ له من أمثال ذلك الجسد الذي صفعني بالماء وأنا أمارس حقي الطبيعي في النوم تحت تلك الشجرة ....
كتبتُ في مذكرتي الشخصية أنّ تعريف البشر....... أجساد بلا روح ....خُشب غبية تتحرك وفق ما تُمْليه لها شهواتها ...عرّتها نسمات الصباح من الأخلاق والمبادئ وأضحى الكل عندها مجرد دمى .....
هل نحن كراكيز يتحكمون في ساعات أكلنا ونومنا وحتى لحظات فرحنا وحزننا .......؟
شتمتُ كثيرا ...واكتفيتُ بالصّمت لأن وجهي وصفحتي وبطاقة تعريفي مشوّهة ولا توافق المعايير البشرية .......ولن يسمع أحد شكوايا الأبدية..... انتهيت وانتهى بي الحال الى الارتكان الى منديلي..... ألتهم لفحات خبيثة كريهة لكنها تريحني من كل المواجيع.....
كنت أطو الشارع طيات غبية بخُطايا الأثقل......وهكذا مضيت أنتقل من ثقل للأثقل ....مارا بشارع يطل على الشارع الذي احتضني فيه ذات يوم الحاج محجوب.............
ياااااااااه..........، فجأة استيقظت ذاكرتي واستيقظت عاطفتي وهاأنذا أتجه الى المقهى الذي انتشلني من التشرد وأعادني الى التشرد في ظرف وجيز.....ذلك المقهى الذي فتحتُ فيه قلبي ووضعته على طاولة نجلس حولها أنا والحاج محجوب .......
كان قلبي ممتلئ بالاسرار ....وكانت وجهي ممتلئ بالجراح والمواجيع ، وكنت على أمل أن ألتقي بالحاج محجوب .....، سأبكي قربه وأحكي الحقيقة دون كذب .............تعبتُ مني ، من حياتي ، من الذل والاهانة التي أتعرض لها يوما بعد يوم ......
الحاج محجوب صاحب القلب الكبير ، أكيد أنه سيتفهّم وضعيتي ....هو ما خذلني يوم لجأت له .....ما أدار عني وجهه ولا تركني ألتهم وجبات الحزن وحدي بل واساني نعم واساني ...ربما سيقبل اعتذاري ان أنا شرحت له الأمر ، ان أنا صرّحت له أنني ما عشت ولا كنتُ لأكذب عليه أو لأنصب عليه ، انما كانت نيتي صافية نقية جدا ، وكنت فعلا وقولا أريد أن أنتهي من حياة المتشردين.........
وأنا أمضي في طريقي ...أُحدّث نفسي ...أُمنّيها بصفح الحاج محجوب عني ، وبقبوله اعتذاري مرّت بجانبي كوكبة من الناس يحملون على أكثافهم جثة الحاج محجوب......
"من مذكرة متشرد"


0 التعليقات:

إرسال تعليق